ملخص تنفيذي:
انطلاقاً من أهمية دور المرأة في بناء المجتمع، وإيماناً بقدرتها على المشاركة بفاعلية والابداع في مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية، ونظراً لما تعانيه من التهميش والتمييز على مختلف الأصعدة فقد قمنا بإجراء الدراسة الحالية بهدف معرفة واقع المرأة في الحياة الاقتصادية والفرص المتاحة لدخولها سوق العمل واهتمام الجهات المعنية بتقديم التدريبات التي تزيد من خبرتها العلمية والمهنية وبناء قدراتها، ومدى قدرتها على المشاركة في الأنشطة المجتمعية ودرجة وعيها الثقافي ومعرفتها بما لها من حقوق وخاصة الحق في التعليم، إضافة إلى قدرتها على المشاركة في الحياة السياسية وصنع القرار، والكشف عن أبرز الصعوبات والتحديات التي تحول دون قدرتها على لعب دورها بالشكل الأمثل واقتراح الحلول والإجراءات التي يمكن أن تساهم في تمكين المرأة.
وقد أجريت الدراسة في شهر أيار من عام 2019 وشملت كل من محافظتي حلب وإدلب في الشمال المحرر، إذ غطت في محافظة حلب مناطق الأتارب وكفرناها ودارة عزة، أما في إدلب فقد غطت منطقتي أريحا ومعرة النعمان، وتمت الدراسة بمقابلة عشرة خبراء من المعنيين بشؤون المرأة في المناطق التي سبق ذكرها(خبيرين في كل منطقة)، إضافة إلى إجراء جلسة حوار مركزة في كل منطقة مع عدد من الإناث باستخدام دليل جلسة حوار مركزة يحتوي على أسئلة مفتوحة للحصول على معلومات معمقة حول واقع المرأة، كما تمت مقابلة 300 أنثى و100 من الذكور باستخدام استبيان مغلق يضم أسئلة خاصة بكل منهما للوصول إلى نتائج يمكن تعميمها على مجتمع الدراسة.
وقد أظهرت الدراسة وجود انخفاض نوعاً ما في نسبة الإناث العاملات ضمن المجتمع على الرغم من توافر العديد من المجالات التي تلائم طبيعة المرأة على الصعيد المهني والأكاديمي، بل إن البعض من تلك المجالات يشكل فرصة هامة للنساء نظراً لقدرتهن على مباشرته من المنزل كالخياطة وقص الشعر والعمل عبر الإنترنت، ويرجع السبب الأبرز في عدم قدرة المرأة على مباشرة العمل والانطلاق بمشروعها الخاص إلى ضعف الإمكانيات المادية ونقص الخبرة أو الكفاءة في مجال العمل، خاصة وأن غالبية الدورات التي يتم تنفيذها عبر برامج التدريب المهني وبناء القدرات تلائم الذكور دون الإناث كدورات الحدادة والنجارة وتمديدات المياه والكهرباء.
أما على الصعيد الثقافي والتعليمي فتشير الدراسة إلى وجود تدني ملحوظ بدرجة الوعي الثقافي لدى الإناث مع جهل الغالبية بحقوقهن نظراً للعادات والتقاليد السائدة ضمن المجتمع وضعف ثقافة المساواة فيما بين الرجل والمرأة، كما ينخفض المستوى التعليمي لغالبية الإناث إذ لا تتجاوز نسبة حملة الإجازات الجامعية 13% والدراسات العليا 2%، ويعود السبب في ذلك إلى ضعف الأنشطة الثقافية والتوعية الموجهة للمرأة بسبب النقص في أعداد الهيئات والتجمعات النسائية المعنية بالدفاع عن المرأة وتوعيتها، وضعف اهتمام الداعمين الدوليين بتمويل الأنشطة التوعوية، يضاف إلى ذلك غياب أي دور يذكر للمرأة على صعيد الحياة السياسية وتوليها لمراكز صنع القرار في ظل رفض المجتمع وبعض الفصائل العسكرية المتشددة لمشاركة المرأة.
وإلى جانب ما سبق توجد العديد من العوامل العامة التي تعيق مشاركة المرأة على مختلف الأصعدة وتتمثل أهم تلك العوائق والتحرش ومن الأمثلة عن حالات الخطف تعرض طالبتين في مدينة أريحا للاختطاف عند الخروج من مدرستهن وغيرها العديد من الأمثلة، وخاصة في ظل عدم توافر وسائل للنقل العام، والخشية من التفجيرات والقصف الممنهج الذي يمارسه النظام مستهدفاً البنى التحتية والمرافق الحيوية كالمشافي والمدراس والمؤسسات الحكومية والتجمعات المدنية، إضافة إلى عدم قدرة المرأة على القيام بأي دور فعال في المجتمع نتيجة لانشغالها في معظم أوقاتها بتلبية المتطلبات الأسرية ورعاية أولادها وعدم توافر دور لرعاية الأطفال.
وبناء على ما سبق أوصت الدراسة بضرورة القيام بحملات توعية على مختلف الأصعدة تستهدف المجتمع والمرأة على حد سواء لرفع درجة الوعي بأهمية دور المرأة وقدرتها على التأثير والمشاركة في بناء المجتمع، وتكثيف حملات الحشد لمناصرة قضايا المرأة، وزيادة دعم وتمويل الهيئات والتجمعات النسائية والمدنية المعنية بالدفاع عن حقوق المرأة، والسعي إلى خلق فرص لعمل المرأة من خلال تمويل برامج دعم المشاريع الصغيرة الخاصة بها، وزيادة برامج التدريب المهني وبناء القدرات الموجهة للإناث، والعمل على إطلاق مجلة نسائية تتناول مختلف المواضيع التي تهم المرأة وتساهم في زيادة قدرتها على المشاركة في بناء المجتمع.
لتحميل الدراسة اضغط هنا